أوضح الكاتب جيسون بورك أن إسرائيل وحركة حماس توصلتا إلى اتفاق للمرحلة الأولى من خطة غزة التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي. ورغم أن كثيرًا من التفاصيل لا يزال غامضًا، يُعد هذا التطور أكبر خطوة حتى الآن نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ عامين.
يضيف أن الاتفاق جرى بعد مفاوضات غير مباشرة في مصر، وأعلن عنه ترامب عبر منصته "تروث سوشال". وقع الطرفان الاتفاق يوم الخميس، ويُنتظر أن يصادق عليه مجلس الأمن الإسرائيلي وحكومة الائتلاف مساء اليوم ذاته. وتعهدت إسرائيل بوقف العمليات العسكرية خلال 24 ساعة من اجتماع المجلس، يعقبها إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس – ويُعتقد أن نحو عشرين منهم ما زالوا أحياء – خلال 72 ساعة تالية. كما يتضمن الاتفاق تسليم رفات بقية الرهائن، وإطلاق سراح نحو ألفي أسير فلسطيني، بينهم 250 محكومين بفترات طويلة في قضايا أمنية خطيرة. وتنسحب القوات الإسرائيلية إلى مواقع جديدة، مع زيادة متوقعة في دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
يذكر موقع الجارديان أن مجموعة من العوامل ساهمت في ترجيح كفة الهدنة في هذا التوقيت. فحروب إسرائيل غالبًا ما تنتهي حين يتدخل الرؤساء الأمريكيون بقوة. وبات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المعزول دوليًا والمضغوط داخليًا، يخشى خسارة دعم أقوى حليف له، الولايات المتحدة، إذا واصل الهجوم دون توقف. كما يبدو أنه راهن على قدرته في احتواء معارضة اليمين المتطرف داخل حكومته، خاصة أن شروط الصفقة الحالية تميل لمصلحة إسرائيل.
في المقابل، تتعرض حماس لضغوط من قطر ومصر وتركيا لتقديم تنازلات، إذ يدرك قادتها – ومعظمهم خارج القطاع – أن استمرار احتجاز الرهائن أصبح عبئًا سياسيًا، يمنح إسرائيل ذريعة لمواصلة الحرب. من هذا المنطلق، ترى قيادة الحركة أن مجرد البقاء في المشهد السياسي يعد شكلًا من أشكال الانتصار.
يبين بورك أن الاتفاق يمثل خطوة أولى فقط، وربما الأسهل بين جميع المراحل. فما زال غير واضح حجم الأراضي التي ستنسحب منها إسرائيل فعليًا، إذ تشير تقارير إعلامية إسرائيلية إلى نيتها الاحتفاظ بأكثر من نصف غزة مؤقتًا. كما لم يُحسم مصير سلاح حماس أو طريقة نزع سلاحها، وهو ملف شديد التعقيد. ويستبعد مراقبون قبول الحركة العفو العام أو المنفى الطوعي الذي تنص عليه خطة ترامب ذات النقاط العشرين.
تواجه المرحلة التالية أيضًا قضايا غامضة: من سيحكم غزة بعد الحرب؟ وكيف ستُعاد إعمار المناطق المدمرة؟ ومن سيشارك في القوة الدولية المقترحة لـ"الاستقرار"؟ كل هذه الأسئلة ما زالت مطروحة دون اتفاق أو حتى تصور مبدئي واضح.
ويرجّح الكاتب أن احتمالات عودة الحرب قائمة لكنها ليست قريبة. فالأرجح أن تصمد الهدنة الهشة لأسابيع وربما شهور، حتى تتعثر مفاوضات المراحل التالية، فيُستأنف القتال حين يرى أحد الطرفين أنه يستطيع كسب مزيد من النفوذ عبر التصعيد. ومع ذلك، يبدو الوضع الحالي مختلفًا عن اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة في نوفمبر 2023 ويناير 2025، إذ يعتقد كل من نتنياهو وحماس أنهما يستطيعان جني مكاسب أكبر من التهدئة مقارنة باستمرار الحرب. هذا الإدراك، بحسب بورك، هو ما يمنح بعض الأمل.
ويضيف أن استمرار الهدنة يعتمد على التزام القوى الإقليمية بالوساطة، واستعداد القادة الدوليين للمجازفة ودفع الطرفين نحو خطوات غير مرغوبة، إضافة إلى اقتناع حماس بأن العنف لن يخدم مصالحها أو مصالح الفلسطينيين. كما يجب أن تدعم الحملات الانتخابية الإسرائيلية المقبلة الاتفاق بدلًا من تقويضه.
يختم الكاتب مقاله بأن العامل الحاسم سيكون مدى اهتمام ترامب بالمضي في جهود السلام طويلة الأمد في غزة، وربما إطلاق مسار دبلوماسي جديد في الشرق الأوسط. فكل ذلك يظل رهن "افتراضات كبيرة"، لكن بعد مرور عامين على هجوم حماس في أكتوبر 2023، قد يكون الصراع الآن أقرب من أي وقت مضى إلى نهايته.
https://www.theguardian.com/world/2025/oct/09/gaza-ceasefire-deal-first-phase-trump-peace-plan